تلفت التطورات الحاصلة في الدولة، السياسية والعسكرية على حد سواء، الأنظار إلى أزمة صامتة على خلفية القرارات العسكرية التي اتخذت مؤخراً، لا سيما المتعلقة بالمشاركة في معارك خارج الوطن، على الرغم من بعد تلك الأوطان جغرافياً.
فقد رصد متابعون للشأن الإماراتي وجود فجوة في التصريحات والمواقف التي لا تخلو من دلالات وتلميحات، قد تصل في بعضها إلى تصريحات، تؤكد بشكل غير معلن عن رفض المشاركة في معارك خطرة خارج البلاد، لما يمثله ذلك من هدم لما بنته الدولة في عشرات السنين بسبب قرار هنا أو هناك.
وحظي قرار الدولة الانسحاب من التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، باهتمام وسائل الإعلام، لا سيما وأنه جاء في وقت حساس، خصوصاً بعد الإعلان عن إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة على يد التنظيم عن طريق حرقه وهو حي، على الرغم من أن الدولة كانت رأس حربة في محاربة التنظيم عسكرياً.
إلا أن بعض المحللين استبعد أن يكون الانسحاب وليد اللحظة، أو أنه جاء كردة فعل على إعدام الطيار الأردني، مشيرين إلى أزمة صامتة داخل الدولة تتمثل في وجود معارضة على القرارات التي اتخذت أساساً للمشاركة في معارك خارج الدولة.
وقال هؤلاء إن من بين أهم ملامح هذه الأزمة، والتي قد تكون آتت ثمارها، هي الحملة التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والتي جاءت تحت عنوان "حماة الوطن"، في إشارة إلى أن دور القوات المسلحة الإماراتية دورها في حماية الوطن وليس حماية أوطان أخرى، وهو ما حلله البعض أنه يشير إلى التدخل الإماراتي العسكري في ليبيا إضافة إلى التحركات العسكرية الأخرى خارج البلاد.
وجاء إعلان الشيخ محمد بن راشد بعد المشاركة العسكرية في التحالف الدولي، والتي تشير بعض المؤشرات إلى أن القرار اتخذ من أبوظبي، وهو الأمر الذي يؤثر في نهاية المطاف على ما بناه حاكم دبي من اقتصاد قوي يعتمد على الأمن قبل كل شيء.
وبحسب تصريح الشيخ محمد بن راشد وقت أن أعلن عن الحملة (حماة الوطن)، فإن "أبناء القوات المسلحة هم رعاة الاتحاد وحماة الوطن الذين ثبت بهم البنيان واشتدت بهم أركان الدولة"، وأضاف "تشهد (بلادنا) أمنا وأمانا وراحة واستقرارا بفضل أبناء القوات المسلحة الذين يسهرون حين تنام العيون، ويضحون حين يتردد المترددون ويحمون المكتسبات حين يطمع الطامعون .. يضعون أرواحهم على أكفهم فداء لكل شبر من أرض الإمارات".
ويرى محللون أن تصريح بن راشد جاء دقيقاً عندما حرص على ذكر أن القوات المسلحة هدفها حماية الوطن، وتثبيت الأمن والاستقرار فيه، وليس المشاركة في حروب بأوطان أخرى لا تشكل أي خطر على الدولة، لكن عملية استهدافها من شأنها أن يهز الأمن والاستقرار، وهو ما يرفضه الإماراتيون.